العمل الحر ليس مضيعة لشهادتك العلمية


أود في هذا المقال أن أقدم الحافز والدعم للكتاب على اختلاف مستوياتهم المهنية، إذ أعتقد أنه يمكن لأي شخص بناء مهنة مستقلة ناجحة، وذلك بغض النظر عن الشهادة العلمية التي يمتلكها.

يحب الكثير من الكتاب المستقلين  الإشارة إلى أنه يمكنك أن تصبح كاتب مستقل بغض النظر عن خلفيتك التعليمية، كما أنهم يروون الكثير من القصص عن كتّاب ليست لديهم درجات علمية، فقد تكون هذه القصص مليئةً بالإلهام، لكنني لا أحبها كثيرًا.

صحيح أنك لست مضطرًا للحصول على شهادة في الصحافة أو في اللغة الإنجليزية لتصبح كاتبًا، لكنها ليست الحقيقة الكاملة، فأنا لديّ شهادة في الصحافة والتي أفخر جدًا بها ، فقد كانت جزءًا كبيرًا من قدرتي على إعالة عائلتي من خلال العمل الحر لذا يُمكن لذوي الدرجات العلمية أن يقللوا من قيمة تحصيلهم العلمي، فهذا الأمر يعود لهم، كما يمكن للأشخاص الذين لا يمتلكون شهادات علمية أن يزدروا تلك الشهادات؛ لكنني شخصيًا، أقدّرها وأراها ذات قيمة.

صحيح أن تحصيلي العلمي يتعلق بالكتابة، لكن شهادة الصحافة ليست الوحيدة التي يمكن أن تساعدك عندما تريد كسب المال من الكتابة، إذ تفيدك أي درجة علمية في ذلك، وحتى بعض الدورات الدراسية للتعليم العالي يمكن أن تكون ذا فائدة كبيرة لك في العمل الحر، لذا فإن العمل الحر ليس مضيعةً لشهادتك العلمية، وإليك الأسباب التي تبرهن ذلك.

يمكنك الالتزام بالمواعيد والتعامل مع الآراء

بذل الناس الكثير من الوقت والعمل لتحصيل درجاتهم العلمية، إذ تستغرق الدراسة الجامعية عادةً أربع سنوات من القراءة والبحث والامتحانات والكثير من الأشياء الأخرى التي يجب عليك إنجازها، إضافةً إلى أنه يجب عليك تعلم كيفية إنهاء الأعمال والواجبات على أعلى مستوى في موعدها المحدد، وذلك ضمن بيئة علمية مليئة بالتنافس.

حتى في الفروع الأكاديمية البعيدة عن الأعمال الكتابية، فإنك تتلقى الكثير من التحضيرات القيّمة، فعلى الرغم من أنك لا تدرس ما هو متعلق بمهنة الكتابة، إلا أنك تكتسب الكثير من المهارات. لنفترض مثلًا أنك درست الكيمياء، وهنا لا بد وأنك كتبت أبحاثًا كيميائيةً، وأجريت الكثير من الاختبارات والتجارب الكيميائية، ثم وجب عليك كتابة تقارير عن تلك التجارب والاختبارات، بحيث اتبعت في كتابتها هيكلًا محددًا والتزمت بتعليمات معينة. يمنحك ما سبق الكثير من الخبرات التي تفيدك في مهنة الكتابة مستقبلًا.

إضافةً إلى ذلك، كان يجب عليك تسليم الكثير من الأعمال والحصول على تقييمات لها، وقد تلقيت على الأرجح الكثير من الملاحظات، وإن كنت ذكيًا، فقد عرفت حينها كيف تتجاوز تلك الملاحظات في أعمالك القادمة.

حتى وإن كان المحتوى الذي تكتبه لعملائك لا يمتّ بأي صلة لما درسته في كليتك، فإنك قد بنيت من خلال دراستك الحجر الأساس لإنهاء المهام، وتدربت على تسليم الأعمال في وقتها المحدد، كما تعلمت كيفية التعامل مع التقييمات والملاحظات.

لديك مكانة جاهزة

يقول أحد أصدقائي الذين يمارسون العمل الحر: "يكمن الثراء في مدى قدرتك على العمل في المستويات والتخصصات العالية"، كما أن كثيرًا من خبراء العمل الحر يؤكدون على ضرورة تطوير الخبرات والعمل في التخصصات العالية؛ وكل هذا صحيح، فالعمل التخصصي مهم ومربح للغاية، لا سيما عندما ترتقي بمستواك وتبدأ في تحصيل أجور أعلى، ولكن ما الذي على المبتدئين فعله؟

عندما تبدأ العمل المستقل لأول مرة، فهناك الكثير من خيارات العمل أمامك، جرب على سبيل المثال الانتقال إلى أي لوحة وظائف، وستجد العشرات من المجالات التخصصية هناك، وأنت تعلم تمامًا أن العثور على مكانتك هو أفضل ما يمكنك القيام به للارتقاء بسرعة.

اسمح لي أن أخبرك أن تضمينك لدرجاتك وشهاداتك العلمية سيزيد من فرص قبول عرضك إلى حد كبير، وإن كانت شهادتك مختلفةً عن المجال الذي ترغب العمل فيه، فلا ترتعش خوفًا، إذ يمكنك أن تقتطع جزءًا من وقتك في سبيل تعلم مهارات واكتساب خبرات جديدة، كما يمكنك تغيير مجالك وتخصصك في الوقت الذي تريده.

أما إذا لم يكن لديك تخصص محدد ترغب العمل فيه، فنصيحتي أن تتجه نحو اختصاص يتعلق بشهادتك العلمية، فهو الأمر الذي يوفر لك الكثير من الجهد والوقت، ولا يهم إن كنت تحصل على درجات منخفضة في مادة اللغة الإنجليزية مثلًا، فالمهم أن تعرف الأساسيات عن تخصصك، فما إن تبدأ العمل ضمن تخصصك، حتى ترتقي درجات السلم دون أن تشعر، إذ يمكنك إتقان تخصصك بسرعة بناءً على ما تعلمته، فقد أمضيت سنوات وأنت تدرس وتزيد خبراتك عن هذا الاختصاص، وكلما زادت خبرتك، ستدرك أكثر إلى أيّ الاختصاصات تحديدًا تود أن ينتهي بك الأمر، ولكن إلى أن تصل إلى ذلك، استفد من شهادتك العلمية وابدأ بكسب الأموال بسرعة.

لقد أثبتت نفسك بالفعل

ليس من السهل أبدًا الحصول على شهادة جامعية، فللحصول عليها كان عليك أن تتعلم الكثير من المعلومات في فترة زمنية قصيرة، وقد فعلت ذلك مرارًا وتكرارًا.

ستفيدك قدرتك على تعلم أشياء كثيرة في وقت زمني قصير في عملك الحر، وخاصةً في الأيام الأولى من حياتك المهنية المستقلة، وذلك عندما تواجه اختلافات كثيرة بين عملك الحر وبين العمل السابق على أرض الواقع، فكلما تمكنت من معرفة كيفية إدارة نشاطك التجاري و ارضاء عملائك أسرع، زادت سرعة نموك وتطورك، وحققت نجاحات أكبر في عملك الحر.

تذكر دائمًا أن الحصول على درجة علمية أمر صعب للغاية، ولكي لا تنسى ذلك، انقش تلك العبارة على ورقة وضع لها إطارًا وعلقها على الحائط أمام مكتبك أو على أي مكان ترمي أنظارك إليه كثيرًا، وذلك لتذكير نفسك مرارًا وتكرارًا بما أنجزته سابقًا، ولتشجيعك على الاستمرار في الوصول إلى أهدافك. الأمر هنا أشبه بما أقوله لطفلي الصغير قبل التحاقه بالمدرسة الابتدائية: "لا تخف يا صغيري، فأنت قادر على القيام بأشياء صعبة".

لديك دافع داخلي

عندما كنت تدرس في الجامعة، فإنك قد بذلت الكثير للحصول على الدرجات الرائعة، رغم أنك في بعض الأحيان لم تقم بعمل مثالي، وربما حقق بعض أصدقائك درجات تفوق درجاتك، لكنك استمريت في محاولة الحصول على تلك الدرجات الرائعة.

ينطبق ذلك الأمر على عملك الحر إلى حد كبير، فنحن نشعر أنه يجب علينا استخدام شهاداتنا ودرجاتنا العلمية حتى عندما تكون الطرائق المعتادة للفعل ذلك غير جذابة أو غير مثالية تمامًا.

تذكر أنه لديك خياران عندما تواجه بعض النظرات المشككة بقدراتك، إما أن تدعها تحبطك، أو أن تتخذ منها دافعًا لتحقيق النجاحات، وأعتقد أنك تدرك تمامًا أي الخيارين سيفيد عملك الحر أكثر.

استخدم تلك المهارات التي اكتسبتها من خلال دراستك الجامعية في العمل، وانظر إلى نفسك على أنك خبير في تخصصك. صحيح أنك قد لا تستخدم دوراتك الدراسية وخبراتك بالطريقة التقليدية، إلا أن هذا لا يعني مطلقًا أن هناك سببًا يمنعك من الخروج من المنافسة، فإذا كان هناك شخص يعرف كيفية التعامل مع المسار الوظيفي غير التقليدي، فصدقني، ذاك الشخص هو أنت.

في الختام

سواءً كنت تكتب موضوعات تتعلق بشهادتك الجامعية أم تكتب في موضوعات أخرى، فإن كونك كاتب مستقل لا يُعَد مضيعةً لدرجاتك العلمية، فقد دربتك جوانب دراستك الجامعية على المهارات التي تحتاجها للنجاح في العمل المستقل ، وعندما تعرف كيفية الاستفادة من شهادتك الجامعية، فإنك ستحرز تقدمًا كبيرًا عن زملائك.

بغض النظر عن أي شيء، فإن التحاقك بالجامعة يُعَد أمرًا مهمًا للغاية، إذ يمكن استخدام تلك الحقيقة لإثبات مدى قيمتك وخبرتك لعملائك المحتملين، وبالتأكيد كلما زادت القيمة التي يمكنك تقديمها لعملائك، عاد ذلك بالنفع عليك.